كشف إضراب ممرضات شبين الكوم الأخير عن مسلسل معاناة العاملات في مجال الصحة، وخاصةً الممرضات في وزارة الصحة، والمستشفيات الحكومية بتنوعاتها الجامعية، والتعليمية، والمستشفيات الخاصة والاستثمارية على مستوى الجمهورية.
وتتركز أزمة الممرضات في التعنت الإداري ضدهن، وانتقاص حقوقهن المادِّية المتمثلة في الحوافز والبدلات، أو في الحقوق الأدبية؛ حيث يتعرضن لسوء المعاملة، سواء من المديرين أو المسئولين، أو من أهالي المرضى، دون حماية من أحد.
ويبلغ عدد أفراد طواقم التمريض على مستوى الجمهورية 238 ألف ممرض وممرضة، منهم 168 ألفًا حاصلون على دبلومات، و45 ألف مساعد تمريض، و60 ألفًا من الحاصلين على بكالوريوس التمريض، والباقي من الحاصلين على المعهد الفني الصحي "معهد فني صحي سنتين بعد الثانوية العامة أو بعد دبلوم التمريض".
وفي مستشفى شبين الكوم التعليمي، الذي تفجَّرت فيه أزمة التمريض الأخيرة، والتي دخل على إثرها أكثر من 500 من الممرضات في اعتصام مفتوح؛ حيث يطالبْن بمعاملة كريمة من إدارة المستشفى ورئيسة التمريض ومشرفات التمريض، وصرف حوافز الـ75% أسوةً ببقية العاملين في المستشفيات العامة، وزيادة بدل النوبتجيات وبدل السهر؛ حيث تتقاضى الممرضات مقابل نوبتجية عمل 12 ساعة 4 جنيهات فقط، وبدل سهر لمدة 12 ساعة 7 جنيهات فقط.
وطالبت المعتصمات مدير عام الهيئة العامة للمستشفيات التعليمية بتنفيذ وعده منذ أكثر من سنة بزيادة بدل النوبتجية إلى 15 جنيهًا، وبدل السهر إلى 20 جنيهًا، وهو ما لم يتحقق حتى الآن، وأكدن وضع قواعد واضحة وعادلة لتوزيع الأموال الخاصة بالاقتصادي وحالات التأمين الصحي والعلاج على نفقة الدولة، والتي لا يصل ما تتقاضاه كل ممرضة منهن إلا 50 جنيهًا فقط في الشهر، في حين يحصل الإداريون والأطباء على آلاف الجنيهات شهريًّا، وصرف بدل الاقتصادي عن الشهور أبريل ومايو ويونيو، والتي لم تصرف لهن حتى الآن، وصرف بدل العدوى بنسبة 40%، والتي لا تصرف لهنَّ؛ على الرغم من تعرضهنَّ للعدوى.
ومع استمرار أزمتهن أقمن دعوى قضائية؛ لعدم صرف بدل الجهود غير العادية 40% للأماكن المفتوحة، و60% في الأماكن المغلقة مثل (العمليات- الحضانة- الرعاية- الطوارئ- الكلى) أسوة بباقي الوحدات، والمستشفيات الأخرى، فضلاً عن مطالبتهنَّ بالمساواة بينهن وبين الأطباء وبقية العاملين بالمستشفى في تقديم العلاج لهنَّ من خلال المستشفى، لعدم وجود بند لصرف العلاج.
وطالبت الممرضات بسد العجز في التمريض من خلال تقليل عدد مشرفات التمريض، وتكليفهنَّ بالعمل التمريضي بدلاً من الدفاتر والأشياء الأخرى، مع حماية هيئة التمريض والأطباء والفنيين من تعدي الجماهير عليهنَّ؛ بسبب سوء حالة الأمن بالمستشفى، وإقالة رئيسة هيئة التمريض وتعيين الأكفأ، وليس الأقدم.
وكشفت الأزمة عن سوء إدارة المستشفى للأزمة؛ حيث رفض الدكتور أحمد فؤاد مدير المستشفى مقابلة الممرضات والسماع لشكواهنَّ، إلا بعد فضِّ إضرابهن، وهو ما رفضته المعتصمات، بل قامت مديرية الصحة بالمنوفية بندب ممرضات من مستشفيات قويسنا وبركة السبع وغيرها من المستشفيات، في مقابل 50 جنيهًا يوميًّا ووجبة وأتوبيسات.
وتروي مديحة مأساة زميلتيها بكشك الجراحة شيماء وإيمان أن "جهاز السرفوا الخاص بتدفئة الأطفال في الحضانة معطَّل بالقسم، وهذا كان مثبتًا في كشوف الصيانة، ومطلوب من الممرضة أن تدفئ الطفلة بأي شكل، فجابت الكشاف علشان تدفي الطفلة، وحصل ماس كهربائي، أدى لحروق وتشوهات للطفلة ثم وفاتها، فما كان من إدارة المستشفى إلا أن قامت بإصلاح الجهاز في نفس اليوم؛ لكي تثبت أن الممرضات هنَّ المتسببات في موت الطفلة، كما تم إخفاء دفتر الصيانة المثبت فيه أن الجهاز عطلان".
وعن العلاج المحرومات منه تحدثت إلهام: "كنت بأتعالج في المستشفى، وكنت محتاجة دواء معين، زميلتي راحت الصيدلية علشان تصرفه لي من الدكتورة سعاد بتاعت الصيدلية، فقالت لها: "مش دي اللي بتموت، سيبوها تموت، مفيش ميزانية مفيش فلوس"، حتى لما جبت لهم فواتير العلاج بـ5 آلاف جنيه علاجًا، رفضوا يصرفوها لي، طيب أنا أدفع ثمن العلاج منين، هوه أنا مرتبي كله كام؟!".
وقالت إيمان:" في إضرابنا اللي فات اللي قعدنا فيه 11 يومًا، أمين عام الهيئة د. عبد الحميد أباظة قال لنا: ("أنتم مش فئة منتجة"، إحنا بقة عاوزين نعرف هننتج إيه، إحنا بنشفي المرضى علشان يقدروا ينتجوا أكثر بنشفي العامل والفلاح علشان يخرج يشتغل في مصنعه أو في أرضه وينتج).
وعن دور النقابة ذكرت الممرضات أنه لا يوجد أحد من النقابة بعد 11 يومًا إضرابً ذهب إليهن ليسألهن عن مشكلتهن، كما تحدثن عن دور وكيلة النقابة كوثر محمود، والتي تشغل منصب مدير عام التمريض بالوزارة في كسر الإضراب؛ من حيث العمل على انتداب ممرضات من مستشفيات أخرى للقيام بالعمل بدلاً من الممرضات المضربات.