قالت: |
لأن الخوف يجمعنا.. يفرقنا |
يمزقنا.. يساومنا ويحرق في مضاجعنا الأمان |
وأراك كهفا صامتا لا نبض فيه.. ولا كيان |
وأرى عيون الناس سجنا.. واسعا |
أبوابها كالمارد الجبار |
يصفعنا.. ويشرب دمعنا |
ماذا تقول عن الرحيل؟! |
* * * |
قالت: |
ثيابك لم تعد تحميك من قهر الشتاء |
وتمزقت أثوابنا |
هذي كلاب الحي تنهش لحمنا |
ثوبي تمزق هل تراه؟ |
صرنا عرايا في عيون الناس يصرخ عرينا |
البرد والليل الطويل |
العري واليأس الطويل |
القهر والخوف الطويل |
ماذا تقول عن الرحيل؟! |
* * * |
قالت: |
لعلك تذكر الطفل الصغير |
قد كان أجمل ما رأت عيناك في هذا الزمان |
يوما أتيتك أحمل الطفل الصغير |
كم كنت أحلم أن يضيء العمر في زمن ضرير |
أتراك تذكر صوته |
كما كان يحملنا بعيدا.. |
كم كان يمنحنا الأمان.. على ثرى زمن بخيل |
الطفل مات من الشتاء |
يوما خلعت الثوب كي أحميه.. |
مضيت عارية ألملم في صغيري |
كل ما قد كان عندي من رجاء.. |
لم ينفع الثوب القديم |
الطفل مات من الشتاء |
والبيت أصبح خاليا |
أثوابنا وتمزقت |
أحلامنا وتكسرت |
أيامنا وتآكلت |
وصغيرنا قد مات منا في جوانحنا دماه |
ماذا فعلت لكي تعيد له الحياة؟ |
ماذا تقول عن الرحيل؟! |
* * * |
قالت: |
تعال الآن نهتف بين جدران السكون |
قل أي شيء عن حكايتنا |
عن الإنسان في زمن الجنون |
اصرخ بدمعك أو جنون في الطريق |
اصرخ بجرحك في زمان لا يفيق |
قل أي شيء |
قل إنه الطوفان يأكلنا و يطعم من بقايانا |
كلاب الصيد و الغربان.. و الفئران في الزمن العقيم |
قل ما تشاء عن الجحيم |
ماذا تقول عن الرحيل؟! |
* * * |
قالت: |
لأنك جئت في زمن كسيح |
قد ضاع عمرك مثل عمري.. في ثرى أمل ذبيح |
دعني وحالي يا رفيقي هل ترى.. يشفى جريح من جريح؟ |
حلمي وحلمك يا حبيبي مع ضريح |
ماذا تقول عن الرحيل؟! |
* * * |
قالت: |
سأسأل عنك أحياء المدينة في خرائبها القديمة |
شرفاتها الثكلى أغانيها العقيمة |
وأقول كان العمر أقصر من أمانيه العظيمة |
لا تنس انك في فؤادي حيث كنت |
وحيث يحملني الطريق |
سأظل أذكر أن في عينيك قافلتي.. وعاصفتي |
وإيماني العميق |
بأن حبك جنة كالوهم ليس لها طريق |
لا تنس يوما عندما يأتي الزمان |
بحلمنا العذب السعيد |
فتش عن الطفل الصغير |
وذكره بي.. |
واحمل إليه حكاية وهدية في يوم عيد.. |
الآن قد جاء الرحيل.. |